السبت، 15 نوفمبر 2025

أَرْحَل كَي أَعُودَ بقلمي الشاعرة /د سحر حليم أنيس



أَرْحَل كَي أَعُودَ

 إِلَى خَفْقٍ يُشْبِهُنِي،

أَرْفَعُ قَلْبِي إِلَيْكَ،

كَمَا تَرْفَعُ نَخْلَةٌ وَحِيدَةٌ

فِي صَحْرَاءَ نَسِيَتْ أَسْمَاءَ مَنْ مَرُّوا بِهَا،

وَأَتْرُكُ لِخُطْوَتِكَ الثَّقِيلَةِ

أَنْ تَتَلَاشَى

كَمَا يَتَلَاشَى صَدَى الْمَاءِ

فِي بِئْرٍ انْكَسَرَ فَمُهَا.

​كُنْتُ أَرَاكَ...

ظِلًّا يَتَدَلَّى مِنْ نَافِذَةِ الرُّوحِ،

وَأَحْسَبُ أَنَّ اللَّيْلَ يَلِينُ

كُلَّمَا لَامَسْتَ وَجْهًا يَذْكُرُكَ،

وَأَنَّ النُّورَ يُولَدُ

حِينَ تَهْمِسُ بِاسْمٍ لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهُ.

​لَكِنَّ وَهْجَكَ كَانَ وَهْمًا،

وَكَانَتْ يَدَاكَ الَّتِي امْتَدَّتْ إِلَيَّ

رِيَاحًا تَتَنَكَّرُ فِي هَيْئَةِ دِفْءٍ،

وَكُنْتُ أَمْشِي إِلَيْكَ

كَمَا تَمْشِي الْأُسْطُورَةُ إِلَى نِهَايَتِهَا،

مُوقِنَةً أَنَّ الطَّرِيقَ يُخْفِي حِجَارَةً

تُدْمِي أَكْثَرَ مِمَّا تَهْدِي،

أَذَابَنِي غِيَابُكَ،

لَمْ يُطْفِئْنِي...

بَلْ جَعَلَنِي أَرَى صَدْعِيَ الْعَمِيقَ

كَمَا تَرَى الْأَرْضُ شُقُوقَهَا

بَعْدَ مَطَرٍ مَالِحٍ.

​كَمْ أَقَمْتُ صَلَاتِي

فِي مِحْرَابِ عَيْنَيْكَ،

وَكَمْ ظَنَنْتُ أَنَّ الطُّهْرَ

يُمْكِنُ أَنْ يَنْجُوَ

مِنْ يَدٍ لَا تَعْرِفُ الْعَهْدَ.

لَكِنَّ قَلْبِي

كَانَ يَرْتَجِفُ كُلَّمَا اقْتَرَبْتَ،

كَأَنَّ نَبْضَهُ

يَعْرِفُ مَا لَمْ أَعْرِفْهُ،

وَيُحَذِّرُ مِنْ طَرِيقٍ

وُلِدَ مِنَ الْغُبَارِ

وَيَمْضِي إِلَى الْغُبَارِ.

​كُنْتَ نِصْفَ حُضُورٍ...

وَنِصْفَ حَقِيقَةٍ،

وَكُنْتُ أَخَالُكَ جَبَلًا،

حَتَّى إِذَا نَسِيتُ قِمَّتَكَ

اكْتَشَفْتُ الرَّمْلَ

يَتَسَاقَطُ مِنْ أَصَابِعِكَ.

​فَامْضِ

امْضِ قَبْلَ أَنْ تَنْطَفِئَ رُوحِي

فِي مُحَاوَلَةٍ أُخْرَى لِإِنْقَاذِ مَا لَا يُنْقَذُ،

وَامْضِ كَمَا يَمْضِي الْغَرِيبُ

عَنْ مَدِينَةٍ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا تَعْرِفُهُ.

​فَأَنَا لَا أَبْحَثُ عَنْ غَائِبٍ،

بَلْ عَنْ ضَوْءٍ

يَنْبُعُ مِنْ دَاخِلِي،

ضَوْءٍ لَمْ أَرَهُ

وَأَنْتَ كُنْتَ تَحْجُبُهُ،

ضَوْءٍ يَنْتَظِرُ

أَنْ تُحَرِّرَهُ خُطْوَاتُكَ الرَّاجِفَةُ.

​سَأَبْقَى...

وَأَعْرِفُ أَنَّ الْبَقَاءَ لَيْسَ بُطُولَةً،

بَلْ حِكْمَةُ قَلْبٍ تَعَلَّمَ أَخِيرًا

أَنَّ الْحُبَّ لَيْسَ رَجُلًا،

وَلَا وَعْدًا،

بَلْ قُدْرَةٌ عَلَى النُّهُوضِ

مِنْ رَمَادٍ

لَمْ نَخْتَرْ أَنْ نُحْتَرَقَ فِيهِ.

​ارْحَلْ،

فَمَا مَاتَ فِيكَ

هُوَ الظِّلُّ،

وَمَا عَاشَ فِيَّ

صَارَ إِشْرَاقًا آخَرَ،

يُمْسِكُ بِيَدِي،

وَيَأْخُذُنِي

إِلَى حَيَاةٍ

لَا تُقَاسُ بِوُجُودِ أَحَدٍ،

بَلْ بِقَدْرِ مَا تَنْبِضُ

حُرَّةً..

وَهِيَ تَمْشِي

بِلَا خَوْفٍ إِلَى ذَاتِهَا

بقلمي الشاعرة /د. سحر حليم أنيس 

سفيرة السلام الدولي 

القاهره 16/11/2025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لحلم حين يتكلم بقلمي الشاعرة /د سحر حليم أنيس

  الحلم حين يتكلم أمشي، وفي كتفيَّ ليلٌ يُجرِّبُ اسمي ويُخطِئه، فتضحكُ المرآةُ من فمِ الغياب. أفتحُ رأسي فتفرُّ منهُ الطيورُ كأفكارٍ خجولة، ...