الأربعاء، 27 أغسطس 2025

من همس العشق إلى صرخة الوطن ,بقلمي الشاعرة د سحر حليم أنيس سفيرة السلام الدولي

 


من همس العشق إلى صرخة الوطن


دعني...

أُمسكُ يدَكَ كما تُمسكُ الطفلةُ ثوبَ أمّها،

دعني...

أتنفّسُ عطركَ كأني أستنشقُ مطرًا نازلًا من جنةٍ سرّية.

أُحبّكَ...

كما يُحبُّ الغريبُ نافذةً في آخرِ الليل،

كما يُحبُّ العاشقُ ارتجافةَ قلبٍ في قبلةٍ أولى.

لكن...

كيف تركتَ قلبي يتيماً على أعتابِك؟

كيف أودعتَ حبّي في مقابرِ النسيان؟

كنتَ أماني،

صرتَ خوفي،

كنتَ شمسي،

صرتَ ليلاً يتثاءبُ بلا قمر.

أأنا التي نسيتَها؟

أم أنك نسيتَ نفسَكَ؟

الحبّ الذي كان يغني في شرايينِك،

هل تآكلَ مثلَ جدارٍ منسيٍّ في مدينةٍ قديمة؟


 (1)

يا حبيبي...

إنّي أُحبّكَ ولو لم تُحبّني،

وأظلُّ أُلاحقُك ولو ركضتَ في متاهاتِ الغياب.

فقلبي لن يحب غيركَ،

وروحي لم تُخلَق إلا لكَ.

لكن...

إلى متى؟

إلى متى أبقى أنا المنفيةَ فيكَ؟

إلى متى أبقى أصرخُ باسمِكَ وأنتَ تصمُّ أذنيكَ؟


(2)

أتدري؟

إنّي أراكَ في كلِّ وجهٍ... ولا أراك،

أسمعُكَ في كلِّ صوتٍ... ولا أسمعُكَ.

كأنكَ الغيابُ ذاته:

حضورٌ طاعنٌ بالغياب،

وغيابٌ مثقلٌ بالحضور.


(3)

آهٍ... لو تدري:

الحبُّ عندي ليسَ سكرًا ولا باقاتِ ورد،

بل بارودٌ ودم،

الحبُّ عندي ليسَ خيطَ عطرٍ في المساء،

بل زوبعةٌ من نار.

أحببتُكَ لأثورَ بكَ...

فإذا بي أثورُ عليك.

أحببتُكَ لأغسلَ جُرحكَ...

فإذا بكَ تفتحُ جُروحي.

أحببتُكَ كقصيدةٍ من حرير...

فإذا بها تتحوّلُ إلى منشورٍ سرّي يُطارَدُ في الشوارع.


(4)

الآن...

اسمعني جيدًا:

أنا لستُ العاشقةَ الوديعةَ التي تنتظرُ على بابكَ،

بل صرخةٌ تخرجُ من حنجرةِ وطن،

سوطٌ يُجلدُ ظهركَ المترَف.

أنتَ لستَ رجلاً فقط...

أنتَ صورةُ الحاكمِ الكاذب،

الذي يبيعُ الوطنَ في سوقِ النفط،

ويشتري صمتَ الفقراءِ بفتاتِ الخبز.

أنتَ لستَ عاشقًا...

أنتَ وزيرُ الخيانة،

وأميرُ الصفقاتِ المشبوهة،

تضعُ على كتفي وردةً

وتزرعُ في ظهري خنجرًا.


(5)

أيّها الحبيب/الحاكم:

الحبُّ الذي استهنتَ به،

سيصيرُ قيدَكَ.

الدمعُ الذي تجاهلتَه،

سيصيرُ طوفانًا.

والقلبُ الذي كسرتَه،

سيعودُ عليكَ كسيف.

دعني أحبّكَ إن شئتَ،

لكن دعني ألعنُكَ أيضًا إن أردتَ.

دعني أُقبّلُكَ كالقدّيسين،

وأصفعُكَ كالثائرين.

دعني أموتُ في حضنكَ موتَ عاشقة،

وأقومُ منك قيامَ وطنٍ يرفضُ القيود.


(6)

أُقسمُ أنّي سأحبّكَ حتى النهاية،

لكنّي سأحاربُكَ أيضًا حتى النهاية.

فالحبُّ عندي ليسَ استسلامًا،

بل ساحةُ حربٍ

تنتصرُ فيها القلوبُ على الخيانة،

والنساءُ على الصمت،

والعشّاقُ على المستبدّين.

• بقلمي/الشاعرة د.سحر حليم أنيس 

القاهرة، 28/8/2025


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سفر النور والقيامة بقلمي الشاعرة د سحر حليم أنيس سفيرة السلام الدولي

سفر النور والقيامة (رحلة شعرية رمزية مسيحية ممتدة) القسم الأول: التجربة والسكوت أقف في ساحة بلا حيطان الوجوه تحاصرني بلا صوت تطلق سهامها قبل...