سفر النور والقيامة
(رحلة شعرية رمزية مسيحية ممتدة)
القسم الأول: التجربة والسكوت
أقف في ساحة بلا حيطان
الوجوه تحاصرني بلا صوت
تطلق سهامها قبل أن أبدأ بالكلام
ترسم على جبيني علامة لم أخطئ بها
الأرض تهتز تحت قدميّ والليل يثقل على صدري كعبء شاق
لكن قلبي ينطق بصوت خفي هامسًا يقول: جرحك يشكّل باب الدم، وطريق الدمع نهرٌ يحملُك.
في كل انهيار بداية جديدة وفي كل دمعة نبتة تتطور
أرفع لوحتي الثقيلة، كل خطوة صرخة، وكل نفس طعنة.
المسامير تتوغل في يديّ ويمتزج الدم بالتراب
والحشد يضحك ويصفق على ضعفي
لكن شعاعًا في عينيّ يهمس لي: على هذه المنصة تنكسر القوة لتستحضر حياة.
ومن هذا الوجع يزهر السعادة
الدمعة تصبح مياهاً للحياة والجرح يفتح مسارًا
القبر مختوم الحجر ثقل الحراس نائمون
لكن الفجر يستيقظ بداخلي ويتسلل عبر الصمت كوهج مخفي
ينكسر الموت وتشرق القيامة في دمائي
السكون يصبح لحنًا، والدم يتحول إلى غذاء للروح.
والضوء يذوب الأغلال يحرر روحي من الليل
القسم الثاني: الصليب والتقدم
أسير بدون ثقل أو حدود، الجروح أصبحت أجنحة والدم نشيد.
التراتيل ترتفع بين السماء والأرض تردد للقيامة للصليب للفداء
الأعداء يختفون في صمت لا ينتهي بينما أنا أرتفع كطائر حرر من الجحيم.
يحمل على جناحيه دعاءً بلا ألفاظ نشيدًا من دمعٍ وعفوٍ وضوء
أغني بدون انقطاع ودون تسمية أغني لأن الرعب لا يتحكم بي
لأن السقوط أصبح بداية جديدة ولأن كل جرح أصبح وسيلة للوصول إلى النور
أغني لأن يوم القيامة ليس غدًا بل يتجلى في قلبي حاليًا.
أغني لأن الحياة تظل أقوى من الفناء والنور لا ينطفئ وأنا معك يا صدى الرحمة
أحرر روحي وأترك قلبي يعبّر وأصلي بدون ألفاظ بدون هيئة بدون قيود
فكل دمعة كل نفس كل خفقة قلب تعد صلاة هي بعث هي مجد دائم.
أستشعر عبير الإثم والدموع
لكن في قبضة يدي ألاحظ اليد التي لا تنطفئ
تنتشلني من الوحل وتغسل وجهي بالمطر.
تقول لي إن كل سقوط يحمل درسًا في طي الانتظار.
وكل معاناة مفتاح إلى ضوء لم أشهده بعد
القسم الثالث: الصفح والتغيير
أسير بين الحجارة كزخّة نسيم تعصف بي.
لكن القلب ثابت، أُغني للضوء الغائب، أُغني للسلام المفقود.
أدعو في صلاتي بأن يحرص على حمايتي من استهزاء الناس.
ومن قسوة الذين يعتقدون أن الموت هو فوز.
الليل يمتد طويلاً يسير بجواري يحيط بي.
لكنّي ألاحظ صليبًا أمامي ليس مجرد خشب بل رمزًا وطريقًا ووعدًا مضيئًا.
ألمس المكان وأشعر باندفاع الدماء وتنغسل، أدرك أن القيامة تتكون في داخلي.
الصخر يتدحرج القبر يفتح فمه الفجر ينشطر بين السماء واليابسة
السكون يبعث القيامة هنا ليست غدًا تتسلل إلى قلبي تضيء كالشمس التي تقول: استيقظ انهض.
الحياة تتفوق على كل شيء، والضوء لا يختفي، والدموع تتحول إلى نبيذ، والجرح يصبح وسيلة للخلود.
أرتفع دون ثقل أو حدود الجراح أجنحة الدم لحن يتردد الأغنية بلا نهاية
تغني عن القيامة للصليب للفداء، وصمت الأعداء، وصرت أنا نشيدًا حيًا.
أغني للمجد وللصيرورة الجديدة للنور الأبدي
أغني لأن الحب يتفوق على كل سيف وأغني لأن الفداء حجر والقيامة واقعة وأنا معها أنا فيها أنا معها أرتفع وأمجد.
القسم الرابع: الإحياء الروحي والعظمة الأبدية
أشاهد خيالات الأمس تتلاشى في ضوء أبدي.
أشاهد أنين المعاناة يتحول إلى أجنحة، وأرى كل خيانة وكل نكسة تصبح زهرة تنبت على الصخور.
أشاهد الجوع والفقر والحزن والغضب تتغير إلى ماءٍ صافٍ يروي الأراضي ويروي قلبي ويغذي العالم.
أشاهد الكراهية والغيرة تختفيان كالدخان تحت أشعة الفداء وأرى الشفقة تتكئ على كل صخرة كل دمعة وكل قطرة دم.
أقف الآن بلا قلق بلا معاناة بلا أسى
القيامة في دمي في نفسي في كل جزء
النور لا يختفي، المجد دائم، والسلام يسود العالم.
أرفع يدي لأصلي دون كلمات أغني بدون صوت وأسبّح بلا قيود
السماء والأرض تشهدان والنجوم تلوح.
والروح ترفرف والدمع يتحول لابتسامة والجراح تصبح أجنحة والصليب ضياء
والقيامة واقع والحب دائم والكون كله عبادة والكون كله ضياء
أتحرك الآن في وادي النور.
كل حركة عبادة كل انفاس أغنية
كل دمعة طريق كل ألم بداية
كل قلبٍ مجروح ينضم إلى الصليب
كل روحٍ تائهة تجد سبيلها
الظلال تنقشع والدموع تصبح مجرىً من نور
والسكون يتحول إلى تناغم والسماء تفتح شفتيها
أغني بغير انقطاع أبدع بلا نص أعبّد بلا قيود
كل ما كان يعيش في الخوف أصبح ضياءً وكل ما كان معاناة تحول إلى أجنحة.
أحتفظ بالعالم في قلبي وأدعوه يترنم للحياة يترنم للنور يترنم للنهضة.
وأنا أردد معه دون انقطاع دون اسم دون قيود
الكون بأسره صلاة والكون بأسره ضوء والكون بأسره عظمة أبدية
القسم الخامس: التغلب على القهر والتحرر التام
الريح لم تعد تروعني، الأمطار لم تعد تؤذيني، الصخور لم تعد تمنعني.
أجنحة الدم أصبحت ترنيمة الصمت وعبادة الظلام ضوءًا للألم وممرًا.
والحب يبقى دائمًا أقوى والفداء حاضر والقيامة واقع والمجد لا يمحى.
أشاهد جميع المخاوف تتحول إلى جرأة وكل الكآبة إلى سعادة وكل الفناء إلى حياة.
أرفع قلبي أترك روحي تتدفق أمارس التسبيح بلا كلمات أغني بلا صوت أذكر بلا انقطاع
الفلك والأرض يشهدا النجوم تتراقص والملائكة تتلطف.
والكل صلاة والكل نور والكل مجد وأنا في هذا وأشارك فيه وأنا أسمو بلا حدود
الضوء يغمر كل شيء والبعث ينسج أجنحة لكل روح تستقبل الحب.
الغفران يتدفق في العروق والألم يتحول إلى نور
كل انهيار يخلق مساراً جديداً، كل دمعة أصبحت لحنًا، كل جرح هو مجرى حياة.
الكون كله عبادة والكون كله ضياء والكون كله عظمة وأنا فيه وأنا معه وأنا أرتفع بلا نهاية
بقلمي الشاعرة د.سحرحليم أنيس
القاهرة ٩/٩/٢٠٢٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق