الخميس، 23 أكتوبر 2025

جوجو بقلمي الشاعرة د سحر حليم أنيس سفيرة السلام الدولي

 

1

جوجو

كم يُشبه اسمُكِ مطرًا يسقط في قلبٍ من زجاج،

كم يُشبه غيابَكِ رنينَ لؤلؤةٍ في فراغٍ أبدي.

حين يلمسكِ الحنينُ،

تنفتحُ في أصابعي أبوابُ الضوء،

ويخرجُ وجهُكِ من الظلمة

كعصفورٍ من حلمٍ تائهٍ في مرآةٍ مكسورة.


كنتِ هناك،

تركضين في ذاكرةٍ من ضباب،

تسرقين قمرًا وتُخبئينه في ضحكتكِ،

ضحكتكِ التي تُعيدُ ترتيبَ الفصول في قلبي،

وتجعلُ الرمادَ يُزهِرُ فوق العتمة.


أحبكِ،

لا كما يُحبُّ العشّاقُ الظلال،

بل كما تُحبُّ الريحُ سرَّها في الرمل،

كما يشتاقُ الحجرُ لأن يُولَد من جديد.

كلُّ شيءٍ فيكِ ينسى معناَهُ حين يحضُر،

وأنا أتعلمُ منكِ كيف يكون الوجعُ طقسًا من العبادة.


2


جوجو…

حين تمرّينَ، تشتعلُ الغربةُ بالنجوم،

تتلعثمُ المرايا،

وتغارُ الطيورُ من ظلّكِ المبلّلِ بالنور.


رأيتُ في صدركِ نهراً يصعدُ نحو السماء،

ورأيتُ في شفتيكِ أولَ قصيدةٍ تُكتَبُ بالنار،

كأنَّكِ خلقتِ لتُعيدي ترتيبَ اللهفة،

ولتُذكّري الوردَ أنه مخلوقٌ من ألمٍ جميل.


يا أنثى تمشي على الماءِ وتتركُ أثرَ المطرِ في الريح،

يا قصيدةً لم تكتمل لأنَّ اللهَ استراحَ في عينيكِ.

لو كنتِ وهماً لآثرتُكِ،

ولو كنتِ موتاً لابتسمتُ لكِ،

فكلّ شيءٍ فيكِ

يجعلُ الخطأَ أجملَ من الحقيقة.


الليلُ فيكِ يُضيءُ،

والنهارُ يخفي وجهَه خجلاً من جسدكِ.

أنتِ الغيابُ الذي أحتاجهُ لأعرفَ من أكون،

وأنتِ الحياةُ التي تموتُ حين أبتعد.


3


جوجو…

فيكِ تتكلمُ النيرانُ لغةَ الطيور،

ويتعلمُ الموتُ كيفَ يبتسم.

ضحكتُكِ – تلك الومضةُ الغامضة –

تُفجّرُ في داخلي آلافَ المدنِ التي لم تُخلَق بعد،

وفي عينيكِ، تتناوبُ الشموسُ والمقابرُ

كأنَّ الزمنَ يتوضأُ بدمعِكِ ليبدأ من جديد.


أكتبُكِ بحبرٍ من نسيان،

وأمحوكِ بأنينٍ من ضوء،

أخافُ أن يتحوّلَ الصمتُ إلى أغنيةٍ لا تنتهي.


أنتِ الحلمُ الذي يرفضُ أن يصحو،

والرمادُ الذي ينبتُ من فمي وردًا،

أنتِ الريحُ التي تُعلّمني التجديفَ في الغياب،

والماءُ الذي يُغرقني كي أتنفّس أكثر.


كلُّ نظرةٍ منكِ عاصفة،

وكلُّ غيابٍ منكِ قيامة.

فيكِ…

يتناسلُ الكونُ من رمادهِ،

ويكتبُ اللهُ سيرتَه من جديد على جدار القلب.


4


جوجو…

حين ألمسُكِ،

يتفتّحُ الزمانُ كوردةٍ نائمة،

وتذوبُ المسافاتُ كما يذوبُ الجليدُ في الأغنية.


أنتِ كلُّ الجهاتِ التي ضاعت،

وكلُّ المعاني التي لم تُكتشف بعد،

أنتِ ظلٌّ يضيءُ،

ونورٌ ينامُ في الظلّ،

فيكِ يلتقي الماءُ بالنار،

ويُصافحُ الجسدُ روحهُ للمرة الأولى.


كلُّ حرفٍ منكِ يعلّمُ الريحَ أن تنطق،

كلُّ نظرةٍ تُعيدُ للقمرِ ذاكرته،

أنتِ الحضورُ الغائبُ،

والحلمُ الذي يوقظُ الحياةَ من نومها الطويل.


أحبكِ،

كما يُحبُّ البحرُ غرقاه،

كما تُحبُّ الغيومُ برقَها،

كما يُحبُّ الليلُ نجمةً لا تغيب.

أحبكِ لأنَّ الحنينَ لا يكونُ حنينًا إلا حين تكونين،

ولأنَّ الغربةَ لا تُكتَبُ إلا بحبرِ اسمكِ،

يا جوجو التي تسكنُ بين المعنى والمعجزة.


بقلمي الشاعرة د /سحر حليم أنيس 

سفيرة السلام الدولي 

23/10/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جوجو بقلمي الشاعرة د سحر حليم أنيس سفيرة السلام الدولي

  1 جوجو كم يُشبه اسمُكِ مطرًا يسقط في قلبٍ من زجاج، كم يُشبه غيابَكِ رنينَ لؤلؤةٍ في فراغٍ أبدي. حين يلمسكِ الحنينُ، تنفتحُ في أصابعي أبواب...