دعني أرحل إلى حيث لا أدري،
فقد تعبتُ من صخبِ الأيامِ،
ومن ضجيجِ الذكرياتِ،
التي تطاردني كأشباحٍ في كلِّ حينٍ.
******
دعني أرحلُ،
فالقلبُ يحتاجُ مساحةً من الصمتِ،
ليلملمَ أشلاءَ روحٍ،
تناثرت على أرصفةِ الانتظارِ،
كأوراقٍ جافةٍ في خريفِ العمرِ.
******
في غربتي،
أعزفُ لحناً حزيناً،
على أوتارِ الليلِ،
وأرسمُ على جدرانِ الوحدةِ،
قصائدَ لم تكتملْ،
كحلمٍ يتلاشى عند شروقِ الشمسِ.
******
تسألني عن وجهتي؟
لا وجهةَ لي،
سوى أن أمضي،
حيث تقودني خطواتي المتعبة،
كأنني أبحث عنك في كلِّ زاويةٍ.
******
كم مرةٍ حاولتُ أن أستعيدَ
تلك اللحظاتِ الهاربة،
وكم مرةٍ حاولتُ أن أمسكَ
بخيوطِ الشمسِ المتسربةِ،
من شقوقِ الذاكرة،
كأنها نجومٌ تسقطُ في بحرِ الليلِ.
******
في عُمقِ الليلِ،
أسمعُ صدى صوتكَ،
يتردّدُ في أروقةِ روحي،
وأرى طيفكَ يراقصُ
ظلالَ القمرِ على نافذتي،
كأنما هو يهمس لي: "لا تنسَني."
******
دعني أغرقُ في بحرِ الصمتِ،
فربما أجدُ هناك،
بقايا أحلامٍ لم تتحققْ،
وآمالٍ لم تكتملْ،
كزهورٍ ذابلةٍ تنتظرُ الندى.
******
سأحملُ معي،
حقيبةً مليئةً بالحنينِ،
وجيوباً مثقلةً بالذكرياتِ،
وقلباً يخفقُ بنبضِ الألمِ،
كأنما يحملُ ثقلَ الفراقِ.
******
في رحلتي،
سأزرعُ الوردَ على جانبي الطريقِ،
لعلَّ عابراً يشمُّ عطرَ حكايتنا،
ويقرأُ في أوراقِها،
قصةَ عشقٍ لم تكتملْ،
كأنها أغنيةٌ تترددُ في الأفقِ.
******
كلُّ المحطاتِ التي مررتُ بها،
علّمتني أنَّ الرحيلَ،
أحياناً يكونُ أجملَ من البقاءِ،
وأنَّ الفراقَ قد يكونُ
أرحمَ من العذابِ.
******
سأتركُ خلفي،
كلَّ ما يؤلمُ،
وأحملُ في قلبي،
فقط اللحظاتِ الجميلة،
كأنها نجومٌ تضيءُ ليلي.
******
دعني أمضي،
فالطريقُ طويلٌ،
والليلُ عميقٌ،
والقلبُ مُتعبٌ،
يحتاجُ إلى السلامِ،
كأنما يبحث عن ملاذٍ دافئٍ.
******
سأكتبُ على جدرانِ المدينةِ،
حكايةً عن عاشقينِ،
افترقا في منتصفِ الطريقِ،
ليبقى حُبهما،
معلّقاً بين السماءِ والأرضِ،
كقمرٍ يضيءُ ليالي الشوق.
******
وحين يسألُ الغرباءُ عني،
قلْ لهم:
مضى إلى حيثُ تذهبُ
الطيورُ المهاجرةُ،
باحثاً عن ربيعٍ جديدٍ،
في أرضٍ بعيدة،
حيثُ يزهرُ الحبُ من جديد.
******
دعني أمضي بسلامٍ،
فقد تعلّمتُ أنَّ الحياةَ،
لا تتوقفُ عند محطةٍ واحدة،
وأنَّ القلبَ،
لا يموتُ من الفراقِ،
بل يتعلّمُ كيف يعيشُ،
رغم الجراحِ،
كزهرةٍ تنمو في صخورِ الحياة.
بقلمي/ الشاعرة دكتورة/ سحر حليم أنيس
سفيرة السلام الدولي
القاهرة 7/6/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق