الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

عفوًا أيها الزمان بقلمي الشاعرة د سحر حليم أنيس سفيرة السلام الدولي



عفوًا...

لم أعد تلك الطفلة التي تبكي في عتمتك،

ولا تلك المرأة التي كنتَ تلهو بها كما الدُمى،

لم أعد قلبًا تحاصره الأوجاع،

ولا جرحًا ينزف بصمت تحت أقدامك الثقيلة.

كنتَ يومًا سجّانًا،

وكنتُ أسيرةً مكبلة بقيودك،

واليوم صرتُ حرّةً كطائرٍ يرفض الأقفاص.

عفوًا أيها الزمان،

لقد تعلّمتُ منك أن أكون نقيضك:

حين كنتَ تحرقني كبركانٍ لا يرحم،

كنتُ أبحث عن نسمة ماء...

واليوم صرتُ أنا البركان،

أحترق، نعم، لكنني أحرق أيضًا كل خوفٍ يقترب.

كنتَ تسرق مني سنواتي،

وكنتُ أُعطيك دموعي مهرًا،

أما الآن فأنا من يسرق منك لحظاتك،

وأبني بها عمري من جديد.

أيها الزمان...

لقد خنتني حين وعدتني بالعدل،

فأعطيتني الظلم.

أقسمتَ أن تداوي،

فأغرقتني بجراحٍ لا تشفى.

لكنني – رغم خيانتك – تعلمتُ الوفاء:

وفاءً لروحي،

وفاءً لحلمي،

وفاءً لمن يستحق أن يشارك قلبي الولهان.

الآن...

أعيش التناقض الجميل:

أضحك من نفسٍ كانت تبكي بالأمس،

أزرع زهورًا في تربةٍ دفنتُ فيها خيبتي،

أُقيم عرسًا في مقبرة أحزاني.

لقد صرتُ أقوى من سيوفك،

وأصلب من جدرانك،

وألين من نسمة حبٍ تمسّد جبهتي.

أتعلم يا زمان؟

إنك لم تُهزمني... بل صنعتني.

كنتَ تريدني رمادًا،

فصرتُ جمرةً تُضيء.

كنتَ تسعى لأن أكون نهاية،

فصرتُ بدايةً لا تنطفئ.

عفوًا أيها الزمان،

ماضيك الوجيع صار حكايةً تافهة في كتابي،

وصوتك الذي كان يرعبني،

صار همسًا بعيدًا،

لا يتجاوز صدى الريح في آخر الطريق.

أما أنا...

فأهدي قلبي الآن إلى من علّمني أن للحياة وجهًا آخر:

وجهًا مليئًا بالحب والسكينة،

وجهًا يُنصت لنبض الروح،

ويجمع في حضنه عقلًا وقلبًا وجسدًا وكيانًا.

لقد صار العشق عندي أكثر من لهفة،

أكثر من حلم،

أكثر من قصيدة...

إنه يقين،

يقين يعلّم الروح أن تعيش،

ويعلّم الجراح أن تُشفى،

ويعلّم الزمن نفسه أن يركع أمام ابتسامة امرأة

ولدت من رحم العذاب لتكتب حكايتها بمداد الانتصار.



  بقلم الشاعرة

د. سحر حليم أنيس

سفيرة السلام الدولي


 


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سفر النور والقيامة بقلمي الشاعرة د سحر حليم أنيس سفيرة السلام الدولي

سفر النور والقيامة (رحلة شعرية رمزية مسيحية ممتدة) القسم الأول: التجربة والسكوت أقف في ساحة بلا حيطان الوجوه تحاصرني بلا صوت تطلق سهامها قبل...